هل سمعت عن نموذج سوستاك (SOSTAC Model) ؟ تتعدد النماذج التي يعتمد عليها في تصميم الاستراتيجيات التسويقية، ويسعى المسوقون دائمًا إلى تحسين خططهم بما يتماشى مع هذه النماذج. ومن أبرز هذه النماذج يأتي نموذج سوستاك (PR Smith’s SOSTAC) الذي يعد من أكثر النماذج استخدامًا عالميًا. وهنا يأتي سؤال: كيف يمكن تصميم استراتيجية تسويقية استنادًا إلى نموذج سوستاك (SOSTAC Model) ؟ سنقدم لك الإجابة تاليًا، لكن قبل ذلك نود تذكيرك أنك تستطيع الحصول على خدماتنا عن طريق طلب عرض سعر.
ما هو نموذج سوستاك (SOSTAC Model) ؟
يتكون نموذج سوستاك (SOSTAC) من ستة عناصر تمثل إطارًا متكاملًا لتحليل السوق وتصميم الاستراتيجيات التسويقية. تضمن هذه العناصر تقديم تحليل شامل للبيئة التسويقية والعملية بأكملها، وتشمل العناصر الـ 6 التالية:
- الموقف (Situation): يمثل هذا العنصر فحص الوضع الحالي للشركة وتحديد العوامل المؤثرة على الأداء.
- الأهداف (Objectives): وضع الأهداف التي تسعى الشركة لتحقيقها، والتي توجه جميع أنشطتها التسويقية.
- الاستراتيجية (Strategy): تحديد الخطط المناسبة لتحقيق الأهداف المرجوة.
- التكتيكات (Tactics): تتضمن الإجراءات العملية التي تتماشى مع الاستراتيجية المحددة.
- الإجراءات (Actions): تفاصيل العمليات التي تضمن تنفيذ الاستراتيجية بكفاءة، مع مراعاة التنسيق بين الأقسام.
- التحكم (Control): متابعة وتقييم الأداء لضمان تحقيق الأهداف، وتعديل الخطة إذا لزم الأمر لضمان النجاح.
خطوات تطبيق استراتيجية سوستاك (SOSTAC)
كما سبق وذكرنا أعلاه، ينقسم نموذج سوستاك (SOSTAC) إلى 6 عناصر، يتم تطبيق العناصر الـ 6 على النحو المذكور أدناه:
الموقف (Situation)
تتمثل الخطوة الأولى في تصميم الخطة التسويقية بناءًا على نموذج سوستاك (SOSTAC) في تحليل الموقف، وهو عملية تقديم تصور شامل وواضح عن الشركة، أهدافها، منتجاتها، والعوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على وضعها. للحصول على تحليل دقيق لوضع الشركة، ينصح بالإجابة على ثلاثة أسئلة:
- ما هي رؤية وأهداف الشركة ؟
- ما المنتجات التي تقدمها الشركة ؟
- كيف تدير الشركة مختلف عملياتها ؟
يمكن الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تقسيم العملية إلى مجموعة من الخطوات الأساسية، والتي تشمل تحليل العملاء، السوق، المنافسين، وقنوات الوصول، على النحو التالي:
تحليل العملاء
يعد من أهم أسس تحليل الوضع الحالي. يشمل ذلك معرفة من هم عملاء الشركة، كيف يتفاعلون مع المنتجات والخدمات، والقنوات التي يستخدمونها للتفاعل مع الشركة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر دراسة الخصائص الديموغرافية للعملاء مثل: العمر، الجنس، الموقع الجغرافي، المستوى المعيشي، وأساليب الشراء.
تحليل السوق
يعتبر تحليل سوات (SWOT Analysis) أحد الأدوات الأكثر استخدامًا لفهم السوق الذي تعمل فيه الشركة. يمنحك هذا التحليل تصورًا واضحًا عن نقاط القوة والضعف، بالإضافة إلى الفرص والتحديات التي قد تواجه الشركة في السوق.
تحليل المنافسين
يعد تحليل المنافسين خطوة مهمة لفهم استراتيجيات المنافسة التي يتبعها الآخرون في السوق. يشمل ذلك دراسة ممارساتهم في التسعير، خدمة العملاء، وهوية العلامة التجارية، وكذلك أي جوانب يمكن التميز فيها والتنافس عبرها.
تحليل قنوات الوصول
يجب تحليل قنوات الوصول التي تعتمد عليها الشركة في ترويج منتجاتها. يجب تقييم أي من هذه القنوات تحقق النجاح في الوصول إلى العملاء.
الأهداف (Objectives)
تحديد أهداف الخطة التسويقية هي المرحلة الثانية في نموذج سوستاك. لتحقيق ذلك، يوصى باستخدام نموذج الأهداف الخمسة (Goals 5’s) إلى جانب نموذج الأهداف الذكية (SMART) لضمان اختيار أهداف قابلة للقياس وقابلة للتحقيق.
نموذج الأهداف الخمسة (Goals 5’s)
تم تطوير هذا النموذج بواسطة (PR Smith)، مؤسس نموذج سوستاك، في عام 2017، حيث تم تقديمه في البداية ضمن حزمة تدريبية في إحدى دوراته، ثم أدرجه لاحقًا في أحد كتبه. يعتمد النموذج على خمسة معايير يجب أن تتسم بها أهداف الخطة التسويقية، وهي: زيادة المبيعات، تحسين تقديم الخدمة، تحسين التواصل، تحقيق الجدوى، وزيادة الانتشار الرقمي.
نموذج الأهداف الذكية (SMART)
الخطوة التالية هي تقييم الأهداف للتأكد من مدى توافقها مع معايير نموذج الأهداف الذكية (SMART)، وذلك لضمان أن الهدف يحقق الخصائص التالية:
- محدد (Specific): يجب أن يتناول الهدف مشكلة أو تحديًا معينًا تسعى الشركة لإيجاد حل له.
- قابل للقياس (Measurable): يجب أن يكون الهدف قابلًا للقياس والتقييم باستخدام طرق تحليل كمية أو نوعية تتناسب مع طبيعته.
- قابل للتحقيق (Actionable): يجب أن يكون الهدف واقعيًا وقابلًا للتحقيق من خلال اتباع خطوات عملية واضحة.
- ذو صلة (Relevant): يجب أن يتماشى الهدف مع الرؤية العامة للخطة التسويقية وأهداف الشركة الكبرى المستندة إلى نموذج سوستاك.
- محدد زمنيًا (Time-Bound): يجب أن يكون للهدف إطار زمني واضح ومحدد يمكن تتبعه لتحقيقه.
الاستراتيجية (Strategy)
تشير الاستراتيجية إلى الوسائل والطرق التي ستساهم في تحقيق الأهداف المرجوة بطريقة متوافقة مع الخطة التسويقية. على سبيل المثال، بعد إجراء تحليل سوات، تبين أن الشركة تتمتع بنقاط قوة في جودة منتجاتها وتنظيمها الإداري. ومع ذلك، فإنها تواجه تحديات في حصتها السوقية المحدودة وضعف مصادرها المالية مقارنةً بالمنافسين. بناءً على ذلك، يجب على الشركة تطوير استراتيجية تمكنها من التميز على منافسيها، من خلال تحسين معدلات اكتساب العملاء (Acquisition) وزيادة تفاعلهم (Engagement) على منصاتها الرقمية.
في هذه الحالة، اعتمدت الشركة على استراتيجية تتمثل في إطلاق حملة تسويقية رقمية تركز على استهداف الجمهور بشكل مباشر. ولتحديد النهج الأنسب، يجب طرح مجموعة من الأسئلة المهمة، مثل: ما هو معدل تفاعل العملاء الحاليين ؟ ما الطرق الأكثر فاعلية والأقل تكلفة لترويج المنتج ؟ ما القنوات الرقمية التي يعتمد عليها المنافسون، وهل استخدامها سيساهم في الوصول إلى الشريحة المستهدفة من العملاء ؟ يساهم طرح هذه الأسئلة في تكوين صورة عن الاستراتيجية التي يمكن اتباعها.
يجب أن تتكامل الاستراتيجية مع أهداف الخطة التسويقية لضمان تحقيقها على أكم وجه، ويعد ذلك من أاهم التحديات التي قد يواجهها المسوقون. لذلك، ينصح باستخدام مؤشرات قياس الأداء (KPIs) لضمان التوافق بين الاستراتيجية والأهداف. في المثال السابق، ستحتاج الشركة إلى قياس نسبة العملاء الحاليين المسجلين على القنوات الرقمية، بالإضافة إلى نسبة العملاء الذين يتفاعلون بنشاط على هذه المنصات. سيمكن هذا القياس الشركة من تقييم مدى نجاح الاستراتيجية في زيادة التفاعل مع العملاء الحاليين وجذب عملاء جدد.
التكتيكات (Tactics)
تشير التكتيكات أو الأساليب إلى الأدوات والطرق التي يتم استخدامها لتطبيق الاستراتيجية الموضوعة. بينما تقدم الاستراتيجية التصور العام والمرشد لتحقيق أهداف الخطة التسويقية، تمثل الأساليب الخطوة العملية الأولى نحو تنفيذ هذه الاستراتيجية على أرض الواقع. تتعدد الأساليب المستخدمة، مثل إعلانات الدفع عند النقر، التسويق عبر البريد الإلكتروني، وتحسين محركات البحث، وغيرها من الأساليب. يجب أن يتم اختيار الأسلوب الأنسب بعناية، بما يتماشى مع طبيعة السوق والأهداف الاستراتيجية، ويمكن الاستفادة من عناصر المزيج التسويقي لتحديد الخيار الأكثر ملائمة.
الإجراءات (Actions)
عند الوصول إلى المرحلة الخامسة من نموذج سوستاك، يحين دور تنفيذ جميع الأساليب المختارة ضمن الخطة التسويقية بشكل فعلي ومتزامن مع هيكل الشركة ووضعها الراهن. على سبيل المثال، إذا قررت الشركة تحسين تسويق المحتوى وزيادة عدد زوار الموقع بهدف دعم هوية العلامة التجارية، فإن خطوات التنفيذ ستشمل تحليل الكلمات المفتاحية، دراسة خصائص ونوعية الجمهور المستهدف، وضمان تقديم محتوى سهل الفهم. هذا بالإضافة إلى تحسين سرعة تحميل الموقع وتجربة التصفح بشكل عام. وقد تشمل الإجراءات أيضًا تدريب الفريق بشكل مستمر لتحفيزهم وضمان تدفق المعلومات بسهولة لضمان تنفيذ الخطة بأعلى كفاءة.
التحكم (Control)
يشكل التحكم والمراقبة المرحلة السادسة والأخيرة في نموذج سوستاك، حيث تركز على قياس ومتابعة تنفيذ الخطة التسويقية مقارنةً بالأهداف التي تم تحديدها في البداية. تمكن هذه المرحلة الشركة من تقييم فاعلية التكتيكات والاستراتيجيات المعتمدة، بالإضافة إلى الإجراءات التنفيذية، بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف.
يتم ذلك من خلال طرح أسئلة محددة لتحديد نقاط الضعف في الخطة، المجالات التي تحتاج إلى تحسين، ومدى تحقيق النتائج المستهدفة. ويتجلى دور مؤشرات قياس الأداء (KPI) في هذه المرحلة، جنبًا إلى جنب مع التغذية الراجعة والتواصل المستمر بين أعضاء الفريق لتحديد وتحليل الجوانب التي تحتاج إلى تحسين ودعم نقاط القوة بشكل مستمر.
في الختام عزيزي القارئ، يوفر نموذج سوستاك (SOSTAC) إطارًا مرنًا يساعد المسوقين ورواد الأعمال على تصميم خطط تسويقية مدروسة وواضحة. ومع ذلك، يجب أن يظل المسوقون على اطلاع دائم بأحدث النماذج والأدوات التسويقية، فمن شأن ذلك أن يمنحهم القدرة على التكيف وتطوير استراتيجياتهم بمرونة.
بوجه عام عزيزي القارئ، لا تقتصر الأمور على نموذج سوستاك (SOSTAC)، يجب على المسوقين تبني استراتيجيات مرنة تعتمد على البيانات والتحليل المستمر. التفاعل مع منصات جديدة، وتطوير المهارات الرقمية، واستخدام الأدوات التكنولوجية المتقدمة، كلها عوامل تساهم في تحسين تجربة العملاء ومن ثم تحقيق أهداف الأعمال. من خلال مواكبة هذا التحول الرقمي وتوظيفه بذكاء، يمكن للشركات تحقيق نتائج مميزة ومن ثم النمو بشكل مستدام.