دليل شخصية العميل (Customer Persona) أو شخصية المشتري (Buyer Persona)

شخصية العميل

بالتأكيد سمعت مصطلحات مثل شخصية العميل (Customer Persona) أو شخصية المشتري (Buyer Persona)، حيث يعد الجمهور المستهدف أحد ركائز أي استراتيجية تسويقية، فهو دائمًا ما يكون محط اهتمام المسوقين الذين يسعون للتواصل معه وجذب اهتمامه. لكن، هل يفهم المسوقون هذا الجمهور حقًا ؟ هل يعرفون من هو، ما هي تحدياته، ما الذي يدفعه للشراء، وما هي صفاته الأساسية ؟ كيف يمكن الوصول إليه ؟ وعلى أي قنوات تسويقية يقضي وقته ؟

لحسن الحظ عزيزي القارئ، هناك أداة قوية تساعد في الإجابة على هذه الأسئلة وهي شخصية العميل أو الـ Buyer Persona. فما هي شخصية العميل وكيف يمكن الاستفادة منها في تحسين استراتيجية التسويق لمنتجك ؟ سنجيب على هذه الأسئلة تاليًا، لكن قبل ذلك نود تذكيرك أنك تستطيع الحصول على خدماتنا عن طريق طلب عرض سعر.

ما هي شخصية العميل ؟

شخصية العميل هي تمثيل خيالي لشريحة من جمهورك المستهدف، يعكس خصائصهم وأنماط سلوكهم ودوافعهم للشراء. يتم بناء هذا النموذج استنادًا إلى البيانات التي يمكن الحصول عليها من عملائك الحاليين أو الذين تستهدفهم في المستقبل.

تساعد شخصية العميل المسوقين على إنشاء رسائل تسويقية موجهة خصيصًا لجمهورهم الحالي والمحتمل من خلال فهم احتياجاتهم وتحديد ما يحفزهم على الشراء. وتتجاوز فوائد هذه الأداة حدود التسويق فقط، فهي تمتد إلى مختلف جوانب تطوير الأعمال، وهو ما يمكن الشركات من تحسين منتجاتها أو خدماتها لتلبية احتياجات العملاء.

لماذا تعتبر شخصية العميل مهمة ؟

قد يغفل بعض رواد الأعمال عن أهمية إجراء بحوث دقيقة حول شخصية العميل، معتقدين أنهم يعرفون جمهورهم المستهدف جيدًا وأنه لا حاجة لمزيد من الدراسات. وقد يعتقد آخرون أن جمهورهم واسع جدًا ليتم تحديده بدقة. إلا أن النجاح الحقيقي يكمن في تحديد جمهور مستهدف محدد والعمل على استهدافه بشكل دقيق. فكما يقول المنطق، إذا حاولت استهداف الجميع، فإنك في الواقع لن تستهدف أحدًا.

لقد أثبتت الفوائد التسويقية لتبني شخصية العميل في استراتيجيات التسويق فعاليتها، حيث أظهرت دراسة نشرها موقع NetProspex أن تطبيق شخصية العميل أدى إلى زيادة مدة زيارة الموقع بنسبة تصل إلى 900%، كما ارتفع عائد الاستثمار بمقدار 171%.

وعلى الرغم من هذه النتائج المبهرة، يعتقد 72% من المسؤولين التنفيذيين أن الميزانيات المخصصة لفهم العملاء لا تزال غير كافية، بينما اعترف 45% منهم بأن الشركات لا تعرف الكثير حول كيفية التفاعل مع العملاء عبر القنوات الرقمية. رغم هذه الإحصائيات المقلقة، إلا أن الفرص التسويقية التي يمكن أن تتحقق من خلال فهم العملاء تظل واضحة، وهو ما يفتح المجال للاستفادة منها.

إنشاء شخصية العميل

قد يكون جمهورك المستهدف مقتصرًا على شريحة معينة من المستهلكين. على سبيل المثال، إذا كنت تبيع أحذية رياضية، فإن جمهورك الأساسي سيكون ممارسي الرياضة. أما إذا كنت تستهدف جمهورًا أكثر تنوعًا، يجب تقسيمه إلى شرائح رئيسية تمثل مجموعات متشابهة في خصائص معينة. على سبيل المثال، يمكنك تقسيم الجمهور إلى شريحة المستهلكين في السعودية وأخرى في مصر، بحيث تركز على خصائص كل شريحة وفقًا للبيئة المحلية.

داخل كل شريحة من الجمهور المستهدف، يمكن تقسيم الأفراد إلى مجموعات أصغر يجمعهم نمط معين أو تجربة مشتركة. على سبيل المثال، يمكنك تصنيفهم بناءً على المستوى الثقافي أو الاجتماعي، أو تقسيمهم حسب الفئة العمرية، مثل جيل الألفية وما قبل جيل الألفية، ثم إنشاء شخصية عميل خاصة بكل مجموعة. يساعدك هذا النهج في الوصول إلى مخرجات دقيقة خلال مرحلة البحث، ومن ثم يمكنك تصميم شخصية عميل تعتمد على بيانات موثوقة وتتناسب مع طبيعة كل شريحة. في هذه الحالة، تصبح شخصية العميل وحدة أساسية تعبر عن مجموعة من السمات التي تمثل جمهورك المستهدف.

رسم شخصية العميل

غالبًا ما يلجأ المسوقون إلى تصميم صورة رمزية (Avatar) لشخصية العميل وإعطائها اسمًا كما لو كانت شخصية حقيقية، مع تقديم معلوماتها عبر إنفوجرافيك يعرض البيانات بشكل مبسط وسهل الفهم. يسمح هذا النهج بمشاركة المعلومات مع باقي الأقسام داخل الشركة، ومن ثم يمكن الاستشهاد بهذه الشخصية والرجوع إليها خلال عمليات اتخاذ القرار. وبفضل الإنترنت، يمكنك العثور على العديد من النماذج الجاهزة التي تساعدك على تنظيم وعرض النتائج التي توصلت إليها.

وفي هذا السياق عزيزي القارئ، لنفترض نموذجًا لشخصية عميل مستهدف لموقع يقدم منصة لإدارة عمليات التسويق:

الملف الشخصي

عز، شاب طموح يعمل كرائد أعمال، شغوف بالتكنولوجيا وريادة الأعمال. يحرص على متابعة أحدث الابتكارات التقنية، ويقرأ بانتظام مجلة MIT Technology Review. يفضل منتجات Apple، ويستمتع بالاستماع إلى البودكاست أثناء أوقات فراغه.

التحديات

يواجه عز تحديات في إدارة مشروعه الناشئ بسبب نقص خبرته في التسويق. غالبًا ما ينشغل بالمهام اليومية المتعلقة بتطوير عمله، وهو ما يترك له وقتًا محدودًا للتعمق في البحث أو تجربة أدوات أخرى. يبحث دائمًا عن مصادر موثوقة وموحدة للحصول على المعلومات لتجنب التشتت. يقدر المحتوى الذي يقدم أدلة تفصيلية حول التسويق، لكنه يواجه عقبة نقص الميزانية المخصصة لهذه العمليات.

الأهداف

يسعى سعود إلى العثور على منصة متكاملة تمكنه من إدارة جميع جوانب التسويق من مكان واحد، بشرط أن تكون ميسورة التكلفة وتتناسب مع احتياجات مشروعه الناشئ.

فوائد شخصية العميل

إنشاء شخصية العميل يمنح الشركات فوائد لا حصر لها، حيث يساهم في رفع كفاءة مختلف الفرق داخل المؤسسة. على سبيل المثال، يمكن لفريق التسويق بالمحتوى الاستفادة منها في صياغة رسائل تسويقية أكثر تأثيرًا وإقناعًا، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات التحويل.

كما يستفيد فريق التسويق بشكل عام من شخصية العميل في فهم رحلة الشراء بكل مراحلها وتحدياتها، وفي تصميم محتوى ملائم لمنصات التواصل الاجتماعي أو عند إطلاق الحملات الإعلانية.

أما فريق التطوير، فيمكنه تحسين المنتج أو الخدمة بما يتوافق مع تفضيلات العملاء. كما يساعد فريق الدعم الفني وخدمة العملاء على فهم توقعات العملاء وتلبيتها بكفاءة، وهو ما يضمن تحسين تجربة العميل واكتساب ولائه للعلامة التجارية.

مع ذلك، هناك مجموعة من النقاط التي يجب مراعاتها لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة من شخصية العميل:

استخدام شخصية العميل عند اتخاذ القرارات

تخيل أنك أجريت عددًا كبيرًا من المقابلات الشخصية مع العملاء، وأتممت بحوثًا كمية، ولكن لم تترجم هذه النتائج إلى خطوات فعلية. لم تستخدم هذه البيانات لتطوير استراتيجيتك في التسويق بالمحتوى أو لتحسين منتجاتك وخدماتك بما يتماشى مع احتياجات ودوافع العملاء.

قد يبدو هذا السيناريو غير منطقي، لكنه يحدث بالفعل في بعض الأحيان. لذلك، يجب أن يتحمل فريق التسويق مسؤولية نقل النتائج التي تم التوصل إليها إلى جميع الفرق المعنية باتخاذ قرارات جوهرية تتعلق بالعملاء، لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه الجهود.

تحديث شخصية العميل أولًا بأول

مثلما تتغير الدوافع والرغبات لدى البشر باستمرار، ينطبق هذا التغيير أيضًا على جمهورك المستهدف. لذلك، لا يمكن الاعتماد – بشكل مطلق – على نتائج شخصية العميل التي تم التوصل إليها دون إجراء تحديثات منتظمة. قد يؤدي إهمال تحديث هذه البيانات أو التغاضي عن المؤشرات وآراء العملاء الفعلية إلى فقدان دقة الرؤية. لتحقيق أقصى استفادة من عملية اتخاذ القرارات، سواء كانت تسويقية أو غيرها، يجب التكيف مع التغيرات في عالم الأعمال من خلال تحديث البيانات باستمرار. يمكنك هذا التحديث من الوصول إلى شرائح جديدة من العملاء أو اختبار دوافع واحتياجات مستجدة في السوق.

الاعتماد على ما يكفي من البيانات

التنوع في استخدام طرق جمع البيانات التي أشرنا إليها في هذا المقال يعتبر خطوة لمحاولة تجنب التحيزات الشخصية التي قد تكون غير واضحة بالنسبة لك. فعلى الرغم من أن تجاهل أهمية شخصية العميل يعد خطأً لا تخفى أضراره، إلا أن الاعتماد على بيانات مضللة أو غير دقيقة يمكن أن يؤدي إلى نفس النتائج السلبية (إن لم تكن أسوأ). لذلك، يجب ضمان أن تعكس النتائج التي تتوصل إليها طبيعة جمهورك المستهدف بشكل دقيق وحقيقي. وفي هذا السياق، لا توجد طريقة أفضل من محاولة جمع أكبر قدر ممكن من البيانات بأكثر من طريقة ومن أكثر من مصدر.

ختامًا عزيزي القارئ، قد تتمكن من إدارة شركتك دون إيلاء اهتمام لمعرفة عملائك بعمق، لكن التميز في السوق المستهدف يصبح مستحيلًا إذا كان جمهورك غير محدد وغير معروف بدقة، (وهو السيناريو الأفضل في مثل هذه الحالات). أما في أسوأ الأحوال، فقد يؤدي قرار واحد خاطئ، نابع من سوء فهم احتياجات جمهورك، إلى الإضرار بشركتك بشكل ضخم. تكمن أهمية شخصية العميل في أنها تمنحك الثقة والوضوح عند اتخاذ قرارات جوهرية تتعلق بمنتجك وجمهورك، وهو ما يقلل من احتمالية المخاطرة بأموالك دون داعٍ. فما رأيك ؟ شاركنا في التعليقات حول الطرق التي ترى أنها الأكثر فاعلية لفهم شخصية العميل.