التسويق الدفاعي (Defensive Marketing): الدليل الشامل

التسويق الدفاعي

كيف تستخدم التسويق الدفاعي (Defensive Marketing) لتحافظ على مكانتك في السوق ؟ هذا ما ستتعلمه اليوم، لكن قبل ذلك نود تذكيرك أنك تستطيع الحصول على خدماتنا عن طريق طلب عرض سعر. لطالما قيل أن الوصول إلى القمة سهل، لكن يكمن التحدي الحقيقي في البقاء هناك. لا تنطبق هذه المقولة على الأفراد فقط، بل تنطبق أيضًا على الشركات والأعمال. صحيح أن الوصول إلى القمة يتطلب جهدًا كبيرًا، ولكن الحفاظ على القمة يتطلب جهدًا أكبر. لذلك، تحتاج إلى تبني الاستراتيجية التسويقية المناسبة، ومن بين هذه الاستراتيجيات قد يكون التسويق الدفاعي هو الخيار الأمثل.

ما هو التسويق الدفاعي (Defensive Marketing) ؟

يعرف التسويق الدفاعي (Defensive Marketing) على أساس كونه مجموعة من الإجراءات التي تتخذها الشركات لحماية حصتها السوقية. عادةً ما تعتمد الشركات الرائدة في السوق على التسويق الدفاعي بشكل أكبر من غيرها، وذلك لرد محاولات الشركات المنافسة لانتزاع مكانتها في السوق.

إذا فشلت الشركة في تطبيق التسويق الدفاعي لحماية مكانتها، فإنها تواجه خطر فقدان جزء من عملائها لصالح المنافسين، وقد تصل الخسارة إلى العملاء بالكامل، وهو ما يؤدي إلى نهاية العمل التجاري.

لذلك، يعتبر التسويق الدفاعي جزءًا أساسيًا من استراتيجية الشركات التسويقية، حيث تظل حريصة على التفكير في كيفية الحفاظ على موقعها واستمرارية عملائها. فالبقاء في القمة يتطلب دفاعًا مستمرًا عن هذه المكانة.

في العصر الرقمي، لم تعد الشركات الرائدة وحدها بحاجة إلى الدفاع عن حصتها في السوق. فقد أصبح من الممكن للشركات الناشئة، بفضل التقنيات الحديثة، أن تخترق الأسواق بسرعة أكبر من الشركات التقليدية.

على سبيل المثال، قبل ظهور شركة نتفليكس، كانت شركة Blockbuster صاحبة الهيمنة على سوق أقراص الفيديو الرقمية. لكنها لم تتمكن من مجاراة تطور نتفليكس التي سرعان ما تفوقت عليها وأصبحت الشركة الرائدة في المجال. بينما اختفت Blockbuster تدريجيًا مع مرور الوقت. هذا المثال يوضح أهمية التسويق الدفاعي في الحفاظ على المكانة الرائدة في السوق.

ما الفرق بين التسويق الدفاعي والهجومي ؟

إذا كان الهدف من التسويق الدفاعي هو الحفاظ على الريادة وحماية الحصة السوقية من المنافسين، فإن المنافسين سيعملون بلا شك على مواجهة هذا التحدي. فكل منهم سيسعى إلى دخول السوق الجديد ومحاولة اقتناص حصة سوقية خاصة به، وهو ما يعرف بالتسويق الهجومي.

تستخدم الشركات الجديدة الاستراتيجية الهجومية بغرض الهجوم على الشركات القائمة، بهدف انتزاع جزء من حصتها السوقية وجذب عملاء جدد. من خلال هذه الاستراتيجية، تستطيع الشركات الترويج لمزاياها التنافسية، وبالتالي تبدأ في جني النتائج المرجوة.

تتطلب الاستراتيجية الهجومية دراسة المنافسين بدقة، والتعرف على نقاط ضعفهم أو الفراغات التي يمكن من خلالها دخول السوق وكسب العملاء. على سبيل المثال، إذا كانت هناك مشكلة في أداء ميزة معينة تهم العملاء، فإن الشركات يمكنها تقديم حل لهذه المشكلة، وهو ما يجعلها الخيار الأول للعملاء.

بالرجوع إلى المنافسة بين شركتي نتفليكس وBlockbuster، اعتمدت الأخيرة على فرض رسوم على العملاء الذين يتأخرون في إعادة أقراص الفيديو، وهو ما كان يشكل مصدر إزعاج لهم. في المقابل، قدمت Netflix نموذجًا مختلفًا لا يشمل هذه الرسوم، وهو ما منحها ميزة تنافسية ساعدتها في التفوق على منافستها، إلى جانب العديد من المزايا الأخرى التي ساهمت في تفوقها في السوق.

ما هي استراتيجيات التسويق الدفاعي ؟

يتطلب التسويق الدفاعي جهدًا مستمرًا، حيث أصبحت المنافسة جزءًا لا يتجزأ من بيئة الأعمال اليوم. لا يمكن للشركات أن تظل في موقف المتفرج حتى تهدد مكانتها، بل يجب عليها أن تتعامل مع هذا التحدي بشكل استباقي. يمكن تصنيف استراتيجيات التسويق الدفاعي إلى نوعين رئيسيين:

استراتيجيات التسويق الدفاعي من حيث الهدف

لا يمكن تطبيق استراتيجيات التسويق الدفاعي بنفس الطريقة في كل مرة، يختلف الأسلوب المتبع حسب الوضع الحالي للسوق، حتى تظل دفاعات الشركات غير متوقعة. بناءً على ذلك، يمكن تصنيف استراتيجيات التسويق الدفاعية إلى نوعين رئيسيين وفقًا للهدف:

  • الاستراتيجية الإيجابية: تركز الاستراتيجية الإيجابية على كيفية الحفاظ على العملاء الحاليين، بحيث تمثل تطبيقًا فعليًا للتفكير الاستباقي. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تقديم مزايا إضافية للعملاء، بحيث لا يشعرون بحاجة للبحث عن بدائل لدى المنافسين.
  • استراتيجية القصور الذاتي: لا يمكن إيقاف المنافسة، بل تظل في زيادة مستمرة مع ظهور المشاريع الجديدة التي تسعى للحصول على حصص سوقية. لذلك، تركز استراتيجية القصور الذاتي على كيفية مواجهة هذه المنافسة، والعمل على تقليل معدل خسارة العملاء لصالح المنافسين.

استراتيجيات التسويق الدفاعي من حيث الوسيلة

بغض النظر عن الهدف الذي تركز عليه الاستراتيجية الدفاعية، فإنها تتطلب وسائل تساعد في تحقيق هذا الهدف. لذا، تقسم استراتيجيات التسويق الدفاعية من حيث الوسيلة إلى نوعين رئيسيين:

  • استراتيجية التأخير: تعتمد هذه الاستراتيجية على توجيه الجهود نحو نقاط القوة التي تتمتع بها الشركة، خاصةً عند تطبيق الاستراتيجية الإيجابية. تهدف إلى استثمار هذه النقاط لصالح العملاء وهو ما يساعد في الحفاظ عليهم. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تتمتع بميزة في السعر، فقد تقدم خصومات دورية للعملاء كإجراء للحفاظ على ولائهم.
  • استراتيجية التكافؤ: تركز هذه الاستراتيجية على نقاط قوة المنافسين التي تجذب العملاء، ثم تتخذ الشركة الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه المزايا. إذا عرض المنافس سعرًا أقل، تقوم الشركة بتخفيض أسعارها. وإذا قدم المنافس ميزة إضافية، تضيف الشركة خاصية مشابهة في منتجاتها لمنافسة هذه الميزة.

طرق تطبيق استراتيجيات التسويق الدفاعي

تتعدد الطرق التي يمكنك من خلالها تنفيذ التسويق الدفاعي، ويعتمد اختيارك على أهدافك ورؤيتك التسويقية. يمكنك دمج هذه الطرق معًا، مع مراعاة تطبيق كل منها في الوقت الأنسب لتحقيق أفضل النتائج. وفي هذا السياق، تتضمن أهم أساليب التسويق الدفاعي ما يأتي:

تحسين الخدمات أو تطوير المنتجات

في بعض الأحيان، يتطلب التسويق الدفاعي تحسين أو تطوير المنتج من خلال إضافة مزايا جديدة أو تعديل المزايا الحالية لمواكبة ما يقدمه المنافسون. على سبيل المثال، قام فيسبوك بتقديم ميزة الأصدقاء المقربون لمواجهة خاصية الدوائر في جوجل بلس، وذلك للحفاظ على قاعدة مستخدميه.

وحدث نفس الشيء مع ستاربكس، التي لم تكن أول من يقدم خدمة الإنترنت المجاني Wi-Fi لزوارها، بل كانت تفرض رسومًا على المستخدمين الذين لا يشترون منتجاتها. ولكن مع ظهور المقاهي التي تقدم هذه الخدمة بشكل مجاني، ولاحظت ستاربكس انخفاضًا في الإيرادات، فقررت تقديم الخدمة بسرعة ودون رسوم، وهو ما ساعدها على استعادة قدرتها التنافسية.

مع ذلك، لا يعني الأمر أن إجراء تعديلات كبيرة على المنتج قد يكون الخيار الأفضل دائمًا، كما حدث مع شركة كوكاكولا، التي قررت تغيير طعم مشروبها ليصبح أقرب إلى طعم بيبسي في محاولة لجذب مستهلكي الأخيرة. هذه التعديلات أدت إلى رد فعل سلبي من عملائها، وهو ما دفع الشركة للعودة إلى طعمها الأصلي للحفاظ على ولاء قاعدة عملائها.

تعديل الأسعار

تعد استراتيجية التسعير واحدة من الاستراتيجيات الأكثر شهرة، وتستخدم أيضًا في التسويق الهجومي. حيث تعتبر الخيار الأسهل بالنسبة للعديد من الشركات، خاصةً مع اهتمام العملاء بالأسعار. لكن هذا لا يعني بالضرورة خفض الأسعار. هناك أربع خيارات يمكن أن تعتمد عليها الشركات عند تعديل الأسعار:

  • خفض الأسعار.
  • زيادة الأسعار.
  • تقديم نموذج تسعير جديد، مثل تقديم خدمات قابلة للاشتراك.
  • إبقاء الأسعار كما هي مع تقديم قيمة إضافية للعملاء، مثل تحسين الخدمات. على سبيل المثال، يمكن لخدمات التخزين السحابي أن تقدم مساحة تخزين إضافية بنفس السعر.

خطوات تطبيق استراتيجيات التسويق الدفاعي

تتطلب الاستراتيجية الدفاعية تخطيطًا دقيقًا لتحقيق نتائج فعالة. يمكنك تنفيذ التسويق الدفاعي من خلال اتباع الخطوات التالية:

  • اختيار وسيلة المنافسة: حدد الميزة التنافسية التي تميزك عن باقي المنافسين. هل هي قوة علامتك التجارية، أم شهرتك في تقديم قيمة معينة للعملاء ؟ من خلال تحديد هذه الميزة، يمكنك بناء استراتيجيتك الدفاعية اعتمادًا عليها.
  • تضمين الطرق المناسبة: ليس من الضروري استخدام جميع أساليب التسويق الدفاعي معًا. من ناحية، تتطلب هذه الأساليب جهودًا كبيرة وتكاليف عالية، ومن ناحية أخرى، لا تحقق كل الأساليب نفس المستوى من الفاعلية. لذلك، يجب اختيار الأساليب الأنسب وفقًا للميزة التنافسية التي قررت الدفاع عنها.
  • التوقيت المناسب: في النهاية، تعد الاستراتيجية الدفاعية إحدى الأدوات التسويقية التي لا يفضل تطبيقها بشكل مستمر. يفضل اختيار الوقت المناسب لتفعيل الإجراءات الدفاعية، بما يتماشى مع التغيرات الحالية في السوق.

في الختام عزيزي القارئ، تذكر أن الحفاظ على الريادة أو الحصة السوقية يتطلب بذل جهود تسويقية مستمرة لتحقيق النجاح. لذا، يجب متابعة تحولات السوق عن كثب، ومراقبة تحركات المنافسين ومن ثم الاستعداد لمواجهتهم حتى قبل ظهورهم، من خلال اتباع استراتيجيات تسويق دفاعية جيدة. فقط من خلال هذه الاستراتيجية المستدامة يمكن للشركة تحقيق أهدافها والحفاظ على مكانتها في السوق.