كتابة محتوى تعليمي شكل من أشكال الكتابة الوظيفية، ليس المقصود هنا كتابة محتوى تعليمي ليقدم على هيئة نصوص فقط، بل المقصود كتابة محتوى تعليمي يقدم بمختلف الأشكال.
يتمثل الهدف من وضع مبادئ تصميم المحتوى التعليمي في تحسين جودة المحتوى وزيادة كفاءته في تحقيق الأهداف المرجوة منه، وذلك من خلال تبني أحدث الاتجاهات في مجال التعليم، واختيار الأنسب منها لتطبيقه.
شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الاهتمام بالتعليم والتدريب الإلكتروني (التعليم عن بعد)، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل جعلته يتفوق في بعض المجالات على التعليم التقليدي. من أهم هذه العوامل القدرة على التكيف بشكل سريع مع التطورات التكنولوجية المستمرة، إضافةً إلى سهولة تعديل المحتوى التعليمي الإلكتروني بما يتناسب مع هذه التطورات.
Contents
تصميم المحتوى التعليمي
رغم التطور الكبير الذي قد تشهده البيئة التعليمية وما تحتويه من أدوات تكنولوجية ، فإن هذه العوامل وحدها لا تكفي لضمان نجاح عملية التعلم. يتطلب النجاح تبني مجموعة من العناصر ، وأهمها الالتزام بمبادئ تصميم المحتوى التعليمي التي تساهم في استغلال الإمكانيات التقنية والمعرفية المتاحة على النحو الأمثل، لضمان إيصال المحتوى إلى الطلاب بأعلى جودة.
يعد تصميم المحتوى التعليمي جزءًا أساسيًا من عملية التصميم التعليمي ككل، ويختلف عن مبادئ التصميم التعليمي في بعض الجوانب. في هذا السياق، لا يقتصر دور المصمم التعليمي على مراقبة جودة المحتوى فحسب، بل يتعدى ذلك إلى التأكد من قدرة المحتوى على تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة.
مبادئ وأنماط كتابة محتوى تعليمي إلكتروني
توجد العديد من أنماط تصميم / كتابة محتوى تعليمي، ويعتمد اختيار النمط على تقييم المصمم لمدى كفاءته في تحقيق أهداف التعلم بأقل جهد وأقل تكلفة. وعادةً ما يتم دمج أكثر من نمط في تصميم المحتوى التعليمي الرقمي، بدلًا من الاعتماد على نمط واحد فقط، لتحقيق أفضل النتائج. وفي هذا السياق، تتضمن مبادئ وأنماط تصميم / كتابة محتوى تعليمي ما يأتي:
الوسائط المتعددة
يرتكز هذا النمط على تقديم المعلومات من خلال مزيج من النصوص والصور، حيث يظهر الدمج بينهما كفاءة في إيصال المحتوى مقارنةً باستخدام كل عنصر بشكل منفصل. ويعد هذا الأسلوب من أكثر أنماط التصميم التعليمي انتشارًا.
وفي هذا السياق، أظهرت الدورات التدريبية الإلكترونية التي تجمع بين النصوص، الرسومات، والمقاطع المرئية نتائج أفضل في فهم المتعلمين وتحقيق أداء أعلى في التقييمات، مقارنةً بالدورات التي تعتمد فقط على النصوص أو الوسائط البصرية بشكل منفصل.
ومع ذلك، لا يكمن النجاح في استخدام النصوص والصور معًا، بل في توظيفهما بطريقة متكاملة وهادفة. ينبغي أن تكون العلاقة بين العنصرين واضحة، بحيث يدعم كل منهما الآخر؛ كأن يشرح محتوى الصورة عبر النص، أو تلخص الصورة المعلومات المكتوبة.
الترابط
يركز هذا المبدأ على ضمان انسجام جميع عناصر المحتوى التعليمي، من نصوص وصور ووسائط، مع الهدف التعليمي الأساسي، ويحث على إزالة أي عنصر لا يخدم هذا الهدف أو يقلل من كفاءة المحتوى.
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها بعض مصممي المحتوى هي إدراج وسائط بصرية أو صوتية أو حتى كتابة محتوى تعليمي لا يرتبط مباشرةً بالموضوع، وهو ما يؤدي إلى تشتيت انتباه المتعلمين ويضعف قدرتهم على التركيز والاستيعاب.
لذلك، يجب الحفاظ على ترابط وانسجام المكونات التعليمية، والابتعاد عن أي عناصر لا تضيف قيمة حقيقية ملموسة.
لفت الانتباه
يرتكز هذا النمط على توظيف مؤثرات بصرية وسمعية مختلفة لجذب انتباه المتعلم وتوجيه تركيزه نحو العناصر المهمة في المحتوى.
تشمل هذه المؤثرات استخدام الألوان اللافتة في الصور، والأسهم، والتظليل أو التمييز اللوني في النصوص، بالإضافة إلى تقنيات التوقف الصوتي أو تغيير نبرة الصوت في المقاطع المسجلة.
تعد هذه الوسائل أدوات فعالة في تسليط الضوء على المعلومات الأساسية، وهو ما يساهم في رفع مستوى الفهم والاستيعاب، خاصةً في البيئات التعليمية الرقمية التي تتطلب تحفيزًا دائمًا.
عدم التكرار
أثناء كتابة محتوى تعليمي، يعتبر التكرار من أهم العوامل التي قد تضعف تجربة التعلم، حيث يؤدي إلى الشعور بالملل وتشتيت الانتباه. فعلى سبيل المثال، إذا تضمن المحتوى نصًا يشرح فكرة ما إلى جانب مقطع فيديو يعرض الشرح ذاته، فقد ينصرف المتعلم إلى قراءة النص ويهمل متابعة الفيديو.
لذلك عزيزي القارئ، أثناء كتابة محتوى تعليمي يفضل دومًا تنويع أساليب العرض وتجنب تكرار المعلومات نفسها حرفيًا عبر قنوات مختلفة. يمكن، على سبيل المثال، استخدام صورة توضيحية تحتوي على رؤوس أقلام بجانب نص مفصل، أو إدراج فيديو يقدم خلاصة أو تطبيقًا عمليًا لما ورد في المحتوى المكتوب.
الدمج بين الوسائل
أظهرت الدراسات أن دمج الشروحات النصية أو المسميات داخل الرسوم والصور يرفع درجة فهم المتعلمين مقارنةً بوضعها في أماكن منفصلة، مثل أسفل الصورة أو خارج إطارها.
يؤدي الفصل بين العنصر البصري والمعلومة التوضيحية إلى تشتيت الانتباه ويقلل من تركيز الطالب، في حين أن الدمج بينهما يساهم في إيصال المفهوم بشكل أكثر سلاسة وكفاءة.
وينطبق الأمر ذاته على الفيديوهات التعليمية؛ إذ يكون الجمع بين الرسوم المتحركة والتعليق الصوتي التوضيحي في اللحظة ذاتها أكثر فاعلية من تقديم كل منهما بشكل متتابع أو منفصل، وهو ما يساهم في ترسيخ المعلومات وزيادة استيعاب المحتوى.
تقسيم المحتوى
أثناء كتابة محتوى تعليمي، ضع في اعتبارك أهمية تقسيم المحتوى. يساهم تنظيم المحتوى التعليمي من خلال تقسيمه إلى عناصر رئيسية وأخرى فرعية مرتبة بشكل منطقي ومتسلسل في فهم واستيعاب المتعلمين.
حتى على مستوى الفقرات، فإن تجزئة النصوص الطويلة إلى فقرات أقصر يسهل على الدماغ معالجة المعلومات ويكون انطباعًا أوليًا أكثر إيجابية لكونه أكثر وضوحًا، وهو ما يجعل المحتوى أكثر جاذبية وأسهل في التفاعل.
التمهيد
يلعب التمهيد دورًا محوريًا في تبسيط عملية التعلم، ويمكن لكل مصمم أن يسهل كثيرًا على المتعلمين من خلال إعداد محتوى تمهيدي بسيط يمهد الطريق نحو الموضوع الرئيسي.
عندما يمتلك المتعلم خلفية معرفية أولية، يصبح استيعاب المعلومات الجديدة أكثر سلاسة. أما المتعلمون الذين يفتقرون لأي معرفة مسبقة بالموضوع، فعادةً ما يواجهون تحديات أكبر، ويتطلب منهم الأمر وقتًا وجهدًا لتجاوز تلك العقبات.
كيفية تحديد الأهداف التعليمية
الآن، ترغب في تصميم / كتابة محتوى تعليمي، وتفكر في الأهداف التعليمية، كيف يمكن تحديد الأهداف التعليمية ؟ يمكن تحديد الأهداف التعليمية بوضع ما يأتي في اعتبارك:
- تحديد الإطار الزمني: لكي يكون الهدف فعالًا، لا بد من تحديد مدة زمنية لإنجازه، تتضمن تاريخ بداية ونهاية، فمن شأن ذلك أن يساعد على تنظيم الجهد ومتابعة التقدم.
- الواقعية: قبل تحديد الأهداف، يجب تقييم قدرات ومهارات المتعلمين الحالية لضمان أن الأهداف الموضوعة قابلة للتحقيق، وتجنب رفع أو خفض سقف التوقعات بشكل غير مناسب.
- الوضوح والاختصار: يفضل أن تكون الأهداف موجزة وواضحة، تكتب في جملة أو اثنتين، وتركز على ما يتوقع من المتعلم تحقيقه، دون التوسع في تفاصيل المحتوى أو الأساليب التعليمية.
- قابلية القياس: يجب أن تكون الأهداف قابلة للتقييم بعد انتهاء البرنامج التدريبي أو التعليمي، من خلال أدوات مثل الاختبارات أو التمارين العملية، بهدف قياس مدى تحقق النتائج المرجوة.
- التحديد والدقة: يشترط أن تكون الأهداف محددة بدقة، بناءً على تحليل الاحتياجات الفردية. على سبيل المثال، إذا كان الهدف زيادة المبيعات، فيجب توجيه التدريب نحو تنمية مهارات البيع الفردية لدى الموظفين.
- مواءمة الأهداف مع المتطلبات العملية: ينبغي أن ترتبط الأهداف التعليمية ارتباطًا مباشرًا بالأعمال أو المهام المطلوبة من الفرد أو المؤسسة خلال الفترة القادمة، بحيث تساهم المهارات المكتسبة في دعم تحقيق هذه المهام.
وبوضع كل ما سبق من مبادئ، أنماط، وأهداف في اعتبارك أثناء كتابة محتوى تعليمي، يمكنك إنشاء محتوى تعليمي يحقق الأهداف المرجوة، ومن يدري، ربما تملك مؤسسة بحجم Khan Academy يومًا ما.